الاثنين، 20 أغسطس 2018

حقيقة الوضع .... 


ذات مرة اضطرتني الظروف واضطرني النحس إلى المشي في حي عشوائي مرعب على أطراف المدينة، فلاحظت أن سكان الحي الفقراء ينظرون لي نظرة شرسة متوعدة .. النساء يرمقنني في شك وكراهية، والأطفال يركضون خلفي لكن على مسافة معقولة لأنهم خائفون مني، والفضول يمنعهم من الابتعاد. هنا فطنت إلى أنني أبدو أنيقًا متغطرسًا أكثر من اللازم .. أكثر مما يستريحون له. ولا أعرف كيف نجوت من هذه المغامرة على كل حال.
بعد أسبوع كان علي أن أقابل رجلاً في أحد الأحياء شديدة الرقي والثراء.. سيارات فاخرة من أحدث موديل، بحيث بدت سيارتي جوارها أقرب إلى صندوق قمامة ألقاه أحدهم هناك. لاحظت نظرات الدهشة والعدائية التي يصوبها لي كل من ألقاه هناك، وعندما أردت دخول تلك البناية استوقفني حارس الأمن ليعرف من أنا بالتفصيل. نظرت لنفسي في المرآة العملاقة خلف الحارس فعرفت السبب .. أنا أبدو رث الثياب مريبًا وفقيرًا أكثر من اللازم..
هكذا عرفت أنني أنتمي لمعسكر الوسط في كل شيء.. ليس لي مكان في مجتمع الأثرياء لكن مجتمع المعدمين لا يقبلني كذلك ..
لو تهددك واحد وأنت في معسكر الأثرياء فلا مشكلة لأن البودي جارد الخاص بك من الرجال صلع الرؤوس ذوي السترات السوداء سوف يحيطون بك لحمايتك، ولو تهددك واحد وأنت في معسكر الفقراء فلسوف يحيط بك أفراد عصابتك المدججون بالعصي الثقيلة والجنازير وزجاجات الحمض.. أما عندما تكون في الوسط فأنت تُضرب في جميع الحالات ..

د/ أحمد خالد توفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق